يختلف أثر العقوبات من حالة لأخرى، لكن يجب أن نعي أن لها في جميع الأحوال تقريباً أثراً محسوساً على الحقوق التي تعترف بها اتفاقية حقوق الإنسان. فهي، على سبيل المثال، كثيراً ما تسبب اضطراباً في توزيع الأغذية، والأدوية والإمدادات الصحية، وتهدد نوعية الطعام وتوافر مياه الشرب النظيفة، وتتدخل بصورة قاسية في تشغيل الأنظمة الصحية والتعليمية الأساسية وتقوض الحق في العمل.
وبالإضافة إلى ذلك، فإن عواقبها على أساس أنها غير المقصودة قد تشمل تعزيز سلطة الفئات المستبّدة، وظهور سوق سوداء بصورة تكاد تكون حتمية، وتوليد أرباح مفاجئة ضخمة للجماعات المتميزة التي تتصرف فيها، وتعزيز رِقابة الفئات الحاكمة على السكان عمومًا، و تزيد من استشراء الفساد وتقييد فرص التماس اللجوء أو التعبير عن المعارضة السياسية.
وإذا كانت هذه الظواهر في جوهرها ذات طابع سياسي، فإن لها كذلك تأثيراً إضافياً كبيراً على التمتع بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لمواطني هذه الدول.
وعند النظر في العقوبات، من الضروري التمييز بين الغرض الأساسي من ممارسة الضغط السياسي والاقتصادي على النخبة الحاكمة في البلد لإقناعهم بالامتثال للقانون الدُّوَليّ، وما يرافق ذلك من تسبّب في معاناة الفئات الأضعف داخل البلد المستهدف.
و مع أن مجلـس الأمـــن وضع أنظمة الجزاءات التي تحتوي على استثناءات إنسانية تهدف إلى إتاحة تدفق السلع والخدمات الأساسية الموجهة لأغراض إنسانية. ومن المفترض بصفة عامة أن هذه الاستثناءات تضمن الاحترام الأساسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في البلد المستهدف، و لكن حتى تنفيذ هذه الإجراءات يعتمد على ديمقراطية الدول و الحكومات، و خاصة إذا كان الهدف إذعان الحكومات أو تنحيها، و هذا مستحيل خاصة في الكثير من الدول دون ذكر أسمائها، حيث إن الشعب ممكن أن يتنحى عن الوجود في سبيل بقاء السلطة بأيدي فئة قليلة فاسدة دون أن يفكروا و لو للحظة بحقوق شعبهم.
No comments:
Post a Comment